الأحد، 8 يناير 2017

عشاق دمشق 3 - جكايا الشام - الليدي ايزابيل بورتون






قديمة قدم التاريخ منعشة كأنفاس الربيع , متفتحة كتفتخ البراعم يعبق أريجها كزهر البرتقال , انها دمشق لؤلؤة الشرق
ايامنا وليالينا في دمشق الشام تتراءى عندما نرتمي نياما تحت جنح الليالي
تتجدد البسمة... تتقاطر حبات الندى كحبات اللؤلؤ 


وبحرة الماء تغدو صفحة تكتب وتقرا العصافير فوقها




بهذ الوقت ستكتشفون حبي للحيوانات , وحالما رتبت منزلي في دمشق , كان اول ماعملته , ان امتع نفسي بهوايتي بجمع حديقة حيواناتي.




وبادئ ذي بدء اشتريتا بعض الاحصنة , ثلاثة ارباع اصيلة ونصف اصيلة من الخيول العربية , وخاصة الافراس
وهي مما يعزز استقرارنا , وتبعد عنا شبهة الرشوى لانه في الشرق وللموظفين الرسميين  ذوي الايادي غير النظيفة فالرشوى المفضلة عند العرب هي الخيل الاصيلة وقد تلقيت عروضا كثيرة خلال  اقامتي الطويلة بدمشق ولكنني رفضتها جميعها منحني ريتشارد وبشكل دائم مقومات الاستقرار والعزلة التي اريد , 



فاكتشفت كيف تكون  صحبة الخيل , لم نكن نتخاطب ولكنني كنت اعرف كلما تقوله وتفكر وتشعر به , وكانت تعي كلما اقوله لها ولم اقتصر في مشترياتي على الخيل فقد اشتريت جملا وحمارا اببض ثلجي ,والاخير هو ماعتمدته في زياراتي الكبيرة , كما اقنيت قطة فارسية رائعة التقطتها من السوق وكنت قد احضرت معي كلبا ( سان برنارد ) واشتريت اثنين بلون رمادي داكن من سلالة ياربروغ واضفت اليهم لاحقا جروا كرديا , كما اشتريت ثلاث عنزات حلابات لاجل المنزل ,وقد تلقيت نمرا ( ليوبارد ) كهدية والذى غدا معبود المنزل .وكان القن زاخرا من الطيور والدجاج والحبش  والاوز والبط , وعلى الشرفة في الحدقة الخلفية احتفظت بالحمام البلدي , تلك المجموعات كانت تبهجني ولم اكن لاقول انهم علئلة واحدة ولكن وبعد فترة طويلة من تدريبهم  استطعت ان اجعلهم يعيشون في تناغم ووئام .واضفت الى عائلتي بعض الكلاب الشاردة والتي التقطها من الشوارع او تعاني من سوء المعاملة واشتريتها من سيد قاس .وفي فترة زمنية اضحت تشكليلة رائعة بحق .

الحيوانات في الشرق غالبا لماحة اكثر من تلك التي في الوطن وقادرة ان تظهر ما تحب وما تكره بقوة , في البداية وعندما جئت الى دمشق كنت اجد ان اكثرها  خجلة مني , فهي لم تعتد رؤية امرأة انكليزية في الجوار , وعلى سبيل المثال خرجت مرة في نزهة التقيت بفتى صغيريقود حمارا محملا بكميات كبيرة من الفجل وكأنها شجرة صغيرة , وافترض انني غريبة المظهر على الحمار الذي اخذ يرفس بساقية فطارت حمولته مائة ياردة حوله , بكى الطفل الصغير حتى العواء وركضت لاساعده وكلما اقتربت كلما زاد هروب الحمار بعيدا , واخيرا ادركت انني مبعث قلق الحمار فرميت ببعض القطع النقدية للصبي وارسلت صبيا لمساعدته , دعونا رجلا عجوزا رث المظهر يركب حصانا وفي اللحظة التي رآني الحصان فيها تهيج واخذا يرفس بساقيه والقى براكبه بعيدا وانفجر الجميع عندنا بالضحك , من يتوهم ان الحيوانات تخاف من واحدة .

حالما استقريت في منزلي , غدا لزاما علي ان اتأقلم مع مركز الشرف الذي امثله وهو جزء من العمل كزوجة للقنصل البريطاني و  يختلف تماما في دمشق عما كان عنه في البرازيل , القنصل في الشرق والمرسل من دولة عظمى , له مركز رفيع كالاوزراء في اوربا, فبيت القنصل يعتبر من بيوت النبلاء في حين لا يسمح له في العديد من البلدان للذهاب إلى المحكمة. في الشرق، وفي الوقت الذي اكتب فيه الخدمة القنصلية مهننة رفيعة التكريم فمبعوثي القوى العظمى وخاصة الاتكليز والفرنسيين كان لهم العديد من الامناء والمترجمينويتميز الكترجمون في السفر ويحظون بما يحظى به الجواسيس في اوربا , ولدى القناصل عدد من القواسين الذين يبشبهون جنود سلاح المشاة . القنصلية في دمشق هادئة , والتعامل معي كان يشعرني بأني وجة وزيرولي وظيفة ديبلوماسية وعلى سبيل المثال , كان يرافقني اربعة من القواسين بأزيائهم المزركشة بالزخارف وسيوفهم , وكذلك ترجمان , ومهمة هؤلاء القواسون الموزعين خلفي وامامي لافساح الطريق , واوأكد المي يفوق سعادتي عندما ارى البغال والخيول والحمير والجمال , الاطفال والفقراء العجائز يدفعون عن الطريق وكم سيشتمونني وكأنني مقدسة وهم قذارهقلت للقواسين بأنني لااتمنى ان يبالغوا والا يقوموا بأكثر مما هو ضروري صونا لكرامة القنصلية البريطانية واحتراما لاعراف البلاد , علما بان مرافقتهم كانت ضرورية بكل تأكيد لان الناس العديين عندما يرون القواسين يعرفون ان شخصية هامة ويفسحون الطريق , بينما لاتستطيع امراة السير بمفردها دون ان تتعرض للتحرشحتى قطعان الكلاب الشاردة الجائعة تعرف الفرق ان يكون هناك قواسون او لا يكون
 فهي تجمع بعضها وتهرب نابحة , ولكن الوقوع بين هذه الكلاب نصف الجائعة المتوحشة وبدون حراسه ...

الأحد، 7 يونيو 2015

بين البخل والادارة هل دمشق مؤسسة تربوية لتخريج أجيال من البخلاء ؟؟؟؟؟


بين البخل والادارة


هل دمشق مؤسسة تربوية لتخريج أجيال من البخلاء ؟؟؟؟؟


حاشى لله ان اتجرأ على دمشق عشقي المزمن , في الصحو والمنام , الا ان بعض الامور التي عايشتها منذ طفولتي انا واقراني في الحارة والمدرسة ( حتى لا يغمز احد الخبثاء , ويقول اهلك فقط كانوا كذلك) ,
فكلنا كنا نعاني من ذات العبارات التي توجه لنا من الاهل ولاسيما في الطعام , فنأكل (نونه ... نونه) أي بتأن وهدوء
, ولا (تغرف) والكمية صغيرة , وحبة الزيتون تقسم على لقمتين , بشكل قطعي وغير قابل للجدل , وقطعة الجبن التي لا تتجاوز أبعادها 3X5 سم وجب استهلاكها مع رغيف من الخبز المشروح كحد ادنى ...... ولا يجوز التعدد في أطباق الإفطار , فيقتصر على الجبن آو الزيتون آو الزيت والزعتر , خلا يوم الجمعة حيث طشت من الفتة بالزيت أو السمن أو الفول المدمس .

والغداء وجب استهلاك كمية من الخبز الى جانب الخضار والارز حتى تتم عملية الشيع بشكل نموذجي
, وغالبا مايكون الغداء مقبولا في يومه الاول كأن يكون (كواج او طباخ روحو او منزله بأحمر) ولكن وفي ولكن في يومه الثاني, الكميات لم تكن لتكفي الجيش المنتظر فتلجأ سيدة البيت الى عملية (الدب) بفتح الدال , فتدب برغلا فوق ما تبقى لتظهر طبخة جديدة قوامها البرغل .............والبرغل فقط مادة مسموح فيها (الغرف) ... وعندما يتجاوز احدهم الجرعات المحددة فتوجه له الملاحظه (هادا مو برغل)... ولله الامر .

ان من تجاوز النصف قرن من ابناء دمشق يدرك ما سبق وعايشه واقتنع بمبرراته .... فالسلوك السابق ,
تسميه اهل الشام .... اداره ......؟ وتحت هذا العنوان تمارس كل مظاهر البخل والحرص والتشدد , ومن اكبر التهم التي توجه للكنة الجديدة (ماعندها اداره) وهي تهمة تصل الى مصاف الجريمة الموصوفة ............

المهم في الموضوع هو البحث في الموروث الذي يسوق لمجمل هذا السلوك الذي تحمله كلمة الادارة , فبقايا الخبز اليابس تحفظ بأكياس الخام , لتؤكل فيما بعد مع الفتوش والفتات
, والشوربه , والكشكه اليابسه والرشتايه ......ولب الكوسا المتبقي بعد الحفر يقلى بالزيت ويضاف له النعنع والثوم ليصبح وجبة مستقلة ولب ليقطين يسلق ليتحول مع اللبن والطحينة الى متبل رائع .

والزجاج المكسور , وبزر المشمش الكلابي المر الذي لايؤكل لانه مر والمتبقي بعد اعداد مربى المشمش الممروت , يحفظ بانتظار اليهودي الذي يتجول في احياء دمشق مناديا (يلي عندو بزر مر يلي عندو ازاز مكسر) .............ليباع له .وبزر الزيتون يحتفظ به لمنقل الشتاء فناره ما شاء الله .
اما عن بقايا الشراشف والمناشف والالبسة البالية جدا والتي لاتصلح لاي استخدام , فترسل الى المندفة لتتحول الى كتكت وبدوره يتحول الى وسائد غير مريحة وطراريح .
اما عن بيجامات البازان , والالبسة الداخلية من الخام , فهي مصنوعات محليا فلكل سيدة , ماكينة الخياطة الخاصة بها , والمأساة تكمن في المطاط , وغالبا ما( يدكك ) ليضحي مشدودا اكثر من اللازم ليترك علامات , يعرفها من يذكرها .
واما شراء ملابس العيد , من محلات الحريقة والحميدية , فهي مأساة حقيقية فبعد ان تقيس الحذاء المناسب في قياسه ومريح, تبدأ المفاصلة بيع الوالد والبائع وفي النهاية تتم الصفقةولكن الحذاء اكبر بنمرتين ؟؟؟؟؟ لان الحذاء لعيدين .والالبسة كذلك الامر فالبنطال يزود بالشيال لان خصره يزيد بعشرة سنتمترات عن مقاس خصرك ؟ فيتحول الشكل و كما كان يوصف مثل (عسكر فسيكا) ؟؟؟؟
ونعود للموروث من امثالنا الشعبية التي تبرر وتسوق لحسن الادارة المنوه عنه , وتقرر الحقائق المناط الالتزام بها :
المال جمع مو نبع
القرش الابيض لليوم الاسود
القرش شء (شق) جلدك وخبيه تحتو
خود من التل بيختل
معك فرنك ..بتسوى فرنك
عافيتك .....ومصريتك
الدراهم كالمراهم ...... ضعها على الجروح تشفي القروح

وقد اشتهر تجار الشام رغم غناهم بحرصهم تحت شعار الادارة , التي تضخمت حتى حتى اضحت بخلا مقوننا يحكمه سلوك صارم , فقد تثنى لي في اواخر الستينات عندما كنت طالبا في الجامعة العربية في بيروت ان تعرفت الى مجموعة من مستوردي المواد الغذائية من السمن والسكر والارز وخلافة لسوريا ولبنان وهم من الدمشقيين النموذجيين الذين حباهم الله بثروات طائلة وقدرة على الادارة اكبر وكنا نتشارك السكنى في بنسيون متواضع قرب الروشة في حين ان احدهم يملك اشهر بناء للشقق المفروشة في شارع الحمراء ولكن حرام ان يعطل شقة من شققه الفاخرة لاقامته وهي ممكن ان تؤجر بخمسين ليرة لبنانية في الليلة, بينما البنسيون بخمس ليرات مع الصحبة الرائعة , ويقرر بعدها حكمته الشهيرة (ياناس درهم مصاري ..بدو أنطار (قنطار) عئل (عقل) ...وكأنها حقيقة مطلقة . وعنما يحين وقت الغداء , كنا كطلاب نلجا الى مطعم حمودة في اسفل البناء الذي يقدم وجبة لبنانية شهية وانيقة بمبلغ 175 قرش لبناني , وكنا نتعرض لسخريتهم كمبذرين .......؟ فهم يختارون واحد منهم ويرسلونه إلى البرج إلى محل معتوق فيشتري
فروجا مشويا وزنه 1 كغم بثلاث ليرات ونصف وكيلوغرامين من الخبز الطازج من الفرن بنصف ليرة لبنانية وكيلوغرامين من البندورة اللبنانية الرائعة بأربعين قرشا وليمونتان ب15 قرش , ينتف الفروج وتزال منه العظام وتفرم فوقه البندورة ويعصر الليمون وتكون وجبة لثمانية أشخاص بتكلفة 65 قرش للشخص بعد إضافة أجرة المواصلات ؟؟؟؟ والقصة حقيقية ولازلت أحفظ أسمائهم , ولله في خلقه شؤون ؟.........


ولاشك ان للبيئة اثر بالغ , وما مر بدمشق من نكبات مروعة عبر تاريخها طبعها بطابع خاص , افرز الشخصية الشامية بما لها وما عليها , وهذا ماكان صديقنا الراحل الاستاذ الدكتور فاخر (رحمه الله وطيب ثراه) يشرحه لنا عبر مثال تستخدم فيه مجموعتين من الفئران الاولى يترك لها تنول الطعام بحرية والثانية يقدم لها بالتقنين وبعد فترة تختلط المجموعتان ويترك لها الطعام بكميات كبيرة , فيلاحظ ان المجموعة الثانية تلجأ للتخزين ............... أليست هذه ادارة .

وكنت امتعض عندما يشنع بعض ابناء الدول العربية الاخرى على الشوام بقولهم (تتغدى عندنا وللا بالمطعم اطيب لك ... تنام عنا وللا بالاوتيل اريحلك ...) ؟؟؟؟ ولم تكن لدي القدرة على اقناعهم بمفاهيم الادارة ...... فهل هذه الادارة نمت  وتطورت في معزل ان ارادتنا ؟؟؟؟؟؟ 
 
في السنين الاخيرة , وايامها الصعبه , وغيومها السوداء , وليلها الطويل , ونارها المستعرة ......... ادركت الحكمة من الادارة 

الخميس، 4 يونيو 2015

فندق المنظر الجميل





فندق المنظر الجميل











الشاميون على اختلاف مشاربهم يميلون الى ادخال التحسينات على الفاظهم لاعطاء المعنى بشكل لائق ومقبول انطلاقا من ان( الكلمه المنيحه طالعه والرديه طالعه ) وينفرون من الكلمات النابية ويعيبون على جيرانهم البيارتة ( اهل بيروت ) استخدام ماهب ودب من الشتائم عند غضبهم .
وعلى سبيل المثال لا الحصر يصفون المتخلف عقليا بالمبارك بقولهم ( عنه على البركه ) وكان الايمان ببركة حموده المتخلف المسالم في حيينا مئذنة الشحم ان النساء يتسابقن الى اكرامه وسؤاله عن جنس المولود لدى فلانة الحامل فيصفن حموده قليلا ثم يجيب مبتسما (شبي )اي ذكر فيبشرونها فأن اصاب هلل الجميع بأن حموده قد بشرهم بذلك وان اخطأ فالامر يذهب في غياهب النسيان ...... ولايسمون الاعرج اعرجا فيلطفونها بقولهم فلان ( بياخد من رجله ) فيدرك السامع المعنى .... وكذالك بمن فقد البصر باحدى عينيه فيقال فيه ( عينو كريمه ) وادري ما علاقة الكرم بفقدان البصر .
وعلى عادة النساء بأسداء النصح حرصا على السمعه وخشية المستقبل فتهمس في اذن صديقتها منتقدة سلوك احد ابنائها بأنه يسكر ويعربد( الله يعفو عنا ) كما سمعت من ابناء الحارة عنه وهي تتخوف ان احدا لن يرضى تزويجه مستقبلا , فتجيبها الام بكل فخر واعتزاز ( المعتر .. معطر ) .... وتردف بدعائها له ( الله يمحي كاساته ) ....
واما عند ذكر المصائب والكوارث فلزم ان تسبقها جملة دعائية للسامع تخفف من وقعها فمع ذكر الحريق تسبقها عبارة (  الله لايحرقلك قلب على غالي ) او( كش بره وبعيد ) او ( بعيد من ئبالي ) ( الله لايورجيك شي تكرهو ) .....
وعند ذكر الجن واذاهم للناس فالجميع يردد ( دستور من خاطرهم , دستور ياسيادنا , دستور يا ملايكة الله ) ووجب على كل سيدة ان تحفظ وتردد دعاء تنبيه الجان اذا ارادت سكب الماء الساخن في  مجلى المطبخ  فتقف وتردد ياملايكة الله لاتآزونا ومامنآزيكم , ايمو ولادكم لحضانكم ولا تئولو ما النالكن )  وتتنظر برهة ثم تسكب الماء , حتى لاتتعرض لاذاهم كما تعرضت فلانة وفلانه والقائمة تطول ......
وكذلك عند ذكر الأولياء والمشايخ من أهل الخطوة واهل وأهل ألطريقه وأهل الحظوة عند رب العالمين فهذا( قدس الله سره ) وذاك ( دستور من خاطره ) ( وشي لله يا سيدنا ) ..
والشام أم المشايخ والأولياء , فالسروجي بطاح الجمل والشيخ رسلان حامي البر والشام .......وكثير غيرهم ممن ( يفكون المربوط ) ويحلون عقدة من طالت عنوستها , الى من يضربون المندل ويبطلون مفعول السحر فكلهم ( دستور من خاطرهم .

وانسحب ما سبق على الدولة التي يسكن أهلها في الشام وتصهرهم ويتخلقون بأخلاق أهلها , فيتدمشقون بكل طيبة ويسر , فقاموا بتجميل بعض أسماء المناطق لتصبح لائقة ومقبولة , فحارة الزط( التي تمتد من شارع اليهود الذي سمي الأمين لاحقا , نسبة للسيد محسن الأمين ) إلى الشاغور والدقاقين , عدل إلى حارة الإصلاح .......... وحي المزابل في  الضفة الأخرى من العمارة , تحول إلى الشرف الأعلى  ونهر عيشه عدل تأدبا إلى حي السيدة عائشة .

وجرت عمليات تجميل للمآكل تساعد الفقراء على اعتبار فقرهم منة عليهم , فالبدائل متاحة لهم وينعمون بخيراتها
لما كان الزيت رخيصا والسمن غال :
كول زيت وعارك الحيط
ولما كان الرز للاغنياء والبرغل للفقراء :
البرغل بسامير الركب
ولما كانت لحوم الضأن مرتفعة الأسعار :
إن فاتك الضاني عليك بالحمصاني
ومن لايطال لفقره الا الخبز :
خبز الحاف بيعرض الكتاف
وهلم دواليك...
......
وما اردت الوصول اليه هو ذلك المكان المتوضع على الزاوية اليسرى عندما تلج الى البزوريه من مدحت باشا , فعلى الرصيف الايمن والايسر للشارع تقف الطنابر وروث بغالها يملا الارض والحمالون يفترشون الارصفة ومنهم من يتناولون طعامهم  فرادى وجماعات ومنهم من خلع حذائه البلاستيكي وتمدد في قيلولة , فاختلطت رائحة الاقدام المتعرقة برائحة روث البهائم واختلطت اصوات اجراس البغال بأصوات الباعة المتجولين ............والانكى ... من هذا وذاك ان تلك الزاوية فوق المحلات تظهر منها شرفة بطول متر واحد وعرض نصف متر بلوحة كتب عليها ......
فندق المنظر الجميل 
اليس هذا كثير؟

الأربعاء، 3 يونيو 2015

على رصيف الامثال الشعبية

على رصيف الامثال الشعبية

تداعت على ألسنتنا الكثير من الأمثال الشعبية لأن أهل أول ماتركوا شيء ماقالوه وتزخر بلاد الشام بكنز هائل من المقولات التي تناسب مقتضى المواقف صغيرة كانت أم كبيرة والأمثال الشامية بحر اختلطت فيه الألوان لتعدد الثقافات التي مرت بدمشق فتجد الأمثال ولاسيما المتناقض منها ولعبة التناقض تتبع المزاج الشخصي والحالة الحاضرة التي يعيشها الفرد , التفاؤل يدفعنا لنقول ( ما بعد الصبر إلا الفرج ) والتشاؤم يدعونا للقول ( ما بعد الصبر إلا المجرفة والقبر ) وكذلك قولنا ( عميل خير وزت بالبحر ان ما شافو السمك بيشوفو رب السمك ) واين هذه الدعوة من قولنا ( ازا شفت الأعمى طبو , مالك أكرم من ربو )  
والتصدي لهذه الظاهرة , من الصعوبة بمكان , فصاحب المثل وكما يقال (يركّب أذن الجرة حيث يشاء) , لان أهل أول كلامهم منزل .
والسؤال كيف التزم الدمشقيون بمضمون هذه الأمثال المتناقضة وهي التراث الموروث عن الآباء والأجداد
, وهم المثل الأعلى بالنسبة لنا في حياتنا الاجتماعية , وحتى لا يتشعب الحديث وندخل في الأنفاق المظلمة لهذا الموضوع , سأركز على المتناقض في أصول التربية الأسرية , لأنه يشكل محورا  هاما نشأنا وننشئ أولادنا عليه :
فعندما نلجأ إلى مذمة رجل لسلوكه الذميم البعيد عن العفة  نقول ( مو شبعان ببيت اهلو )  ونختصرها بقولنا ( جوعان ), فالجوع ينسحب الى الكثير من مرافق السلوك والأولاد يجب ان يشبعوا على (سفرة أبيهم) وكانت سيدة جليلة من معارفنا تردد ( الأولاد لازم ياكلوا مال أبوهم وهو عايش ) وهذا مثل رائع في توارث الخير وبناء الأسر فكما زرع  آباؤنا فأكلنا نزرع لأولادنا فيأكلون .
وكذلك عندما نكيل المديح لشخص ما نقول ( شبعان خبز ببيت اهلو ) ونردف بقولنا ( كبار ) أو ( أكابر ) كناية عن السلوك الراقي الذي يتمتع به . وهنا يستوقفني مثل شعبي ( يضع العقل بالكف ) , ويناقض كل ماقيل وينسف المعايير والقيم ويبدد هالة قوس القزح , وهذا المثل يقول ( كول عسل وطعمي ابنك هوا ...... هوي خيرو لقدّام وانت خيرك لورا )  ...............فأين هذا من ذاك ؟؟؟؟ ولن أطيل  ... فأمثالنا الشعبية  تحمل الشيء وضده , وكلها بنيت على التجارب الإنسانية التي حملها الناس من مواطنهم الأصلية إلى الشام , وانصهروا في بوتقتها فغدوا أشواما . ولاشك ان دمشق في اقسامها الثمانية قد ضمت بيئات مختلفة .. قد قبلت هذا ورفضت ذاك ...................ومن الامثال المستوردة التي تسللت الى حياتنا اليومية ونرددها , كناية عن الخسارة  المثل القائل ( طلعنا من المولد بلا حمص )
....ولدى التحقيق في اصل المثل , اذا لاعلاقة لعيد المولد في الشام بالحمص والمتبع فيه الاقتصار على قراءة السيرة النبوية الشريفة وانشاد ( ولد الهدى ) وتوزع صرر تحتوي حبات اللوز او الفستق الملبس بالسكر , وتبين ان المصريين الذين استقروا في دمشق ابان العهد الفاطمي هم اصحاب المثل فالحمص يوزع في الموالد في ارجاء مصر ...
....


الثلاثاء، 2 يونيو 2015

عشاق الشام - عبد القادر الجزائري - الليدي ايزابل بورتون




صديقنا الشهير عبد القادر (الامير عبد القادر الجزائري) وما من أحد إلا وسمع الكثير عن كفاحه ونضاله اليائس لاستقلال الجزائر , اعتقل وسجن في فرنسا 1847 -1852 , وأُطلق سراحه من قبل لويس نابليون إثر وساطة من اللورد لندنديري , بل وأكثر من هذا فقد كان نابليون متسامحا بما فيه الكفاية ليؤمن له معاشه وما يكفيه وأرسله الى دمشق التي كان يعيش فيها عندما وصلنا , محاطا بخمسمائة فارس من الجزائريين المؤمنين كان يحب الانكليز ولكن ولاءه الشديد كان للويس نابليون , .

داكن البشرة , مهاب ورائع المنظر , متماسك الشخصية , يرتدي دائما البرنس الأبيض الثلجي والعمامة , في تقاطيعه يكمن الجندي والسلطان , عقله جميل كوجهه , هو وريتشارد كلاهما ضليع في الصوفيه فكانا يتحادثان بمتعة عظيمة وكلاهما يتحدث العربية

الحريم
كثيراً ماكنت أقضي الأمسية معهم .. وأجدها طيبة للغايه
في البداية فقط كانت اسئلتهم لي كثيرة ومزعجة, فقد كانت تتركز في عدم وجود أولاد لدي , وإن كنا لانستطيع التعميم في موضوع الحريم , فكما في العائلات اللندنية عائلات من الدرجة الأولى كذلك في القسطنطينية ودمشق ... كما هناك العائلات المتوسطة والعائلات ذات السوية المتدنية التي تتمتع بشكل مختلف


وكل لقاءاتي وزياراتي لمجتمع الحريم في دمشق كانت للمجامله , وتخللها الكثير من الود والصداقة وكرم الضيافة وحرارة الاستقبال ,
ولمرة أو مرتين فقط كانت لي معاناة مع معاملة فظة عند عائلات من الطبقة الدنيا .

 

وقد قمت بزيارة لعائلة الشهير عبد القادر ( الامير عبد القادر الجزائري ) والتي كانت من كبار العائلات في دمشق كان لديه خمس زوجات إحداهن كانت فائقة الجمال, فسألتهن كيف يستطن العيش معا , ومداعبة كل واحدة لأطفال الأخرى ؟ أخبرتهم أننا في بريطانيا إذا شكت المرأة ان لزوجها امرأة اخرى أو عشيقة ستكون جاهزة لقتلها وملاحقة اولادها , انفجرن جميعهن ضاحكات معتقدين بأنها نكتة عظيمة. وأخشى ما أخشاه ان عبد القادر يسوس حريمه كالتتار لكثرة ماكن والعات ومتزمتات.

هنالك الكثير عن دمشق

الطرقات من دمشق لضواحيها عديدة , صغيرة , تمر من الحدائق والبساتين حيث خرير المياه وظلال الكروم والرمان والجوز وتنسل منها الى رمال الصحراء الناعمة, تنطلق الخيول في سهولة ويسر .... لا حدود .. لا نقاط تفتيش .. هنالك شيء واحد حيث تنطلق الطاقة الروحية وتتفس حرية الصحراء .

أحياء دمشق واسواقها - الليدي ايزابيل بورتون - عشاق دمشق


أحياء دمشق واسواقها - الليدي ايزابيل بورتون - 
عشاق دمشق3
ريتشارد وايزابيل بورتون 1870-1880




أحياء دمشق واسواقها - الليدي ايزابيل بورتون - 
عشاق دمشق3


دمشق وافترض ان كل واحدمنا يعرف انها اكبر مدينة في سورية ، في الشكل تبدو كطائرة الاطفال الورقية ولها ذيل طويل جدا والذيل الطويل للطائرة هو الميدان اشد احياء دمشق فقرا , ولكنه غني بالمساجد المجددة والحمامات والبيوت التي تبدو للوهلة الأولى على قدر من الاضمحلال .




 ولكن عندما عرفنا هذه البيوت جيداً رأينا الإيوانات الرخامية والغرف المطعمة , واسقف الارابيسك , كل هذا مختبىء خلف الطرقات الموحلة .


والمدينة بحد ذاتها تنقسم إلى ثلاثة قطاعات : اليهود في القسم الجنوبي , والمسلمون في الشمال والغرب , والمسيحيون في الشرق ... الربع الإسلامي نظيف , الربع المسيحي وسخ , الربع اليهودي مجرد قذاره، وعندما أمر على فرسي أحبس انفاسي بمنديل , والقواسون يهرولون كما لو أن شياطين تتبعهم في كل مكان من دمشق وخصوصا في هذا الربع تتكدس المخلفات في الطرقات المتعرجة , تتحلق الكلاب البرية المتوحشة حول جيف الكلاب , ولكن علينا ألا نحكم على دمشق , من الظواهر ,

وكل البيوت لها نفس المفاهيم المتعمدة في المداخل (الدهليز) لتجنب النهب في الأوقات العصيبة , فتدخل من الباب الرئيسي في دهليز قذر طويل ومن ثم إلى قاعة ثانية وبعدها سيبهرك التحول الرائع . ستجد بيتا نظيفا ومعطراً , الليوان والبحرة من الرخام وفيها الأسماك الذهبية , أشجار النارنج والياسمين ،

الفرش من خشب الأبنوس المطعم بالذهب وأمهات اللؤلؤ ، والزجاج الملون للنوافذ , وفي الداخل , الأرضيات من الرخام , الله وحده يعلم أين ينامون واحدة من السيدات عروس جميلة جدا تزوجت منذ أسبوعين وكانت ترتدي الجود لي ,



وقد زينت عنقها ورأسها بأحجار كريمة وماسات لا تقل قيمتها عن 2000 جنيه إسترليني ولكن الأحجار كانت سيئة جدا , كانت تتجول بين الحضور بكل اناقة ..





لدمشق عظمة داخلية .

أعتقد أنني يجب أن أتطرق إلى الاسواق ، لأنها تشكل جزء لا يتجزأ من حياة دمشق .


وكثيرا منها كانت جميلة جدا, حيث يتجمع الجميع في متاهة تلك الشوارع التي تزخر بكل ما يمكن للمرء ان يحتاجه. كنت اذهب مع جارتي العربية الى سوق السروجية حيث يمكن للمرء ان يشتري زخارف رائعة للجياد العربية ومرفقات منقوشة بالذهب ، لجام من الحرير القرمزي مما يعطيك القدرة على قيادة الحصان بخيط واحد , أو لجام من الفضة والعاج . وهنالك سوق لصانعي الأحذية ولكنه مختلف عن تلك الاسواق في انكلترا . الأكشاك رائعة , نعال بلون الليمون ، أحذية حمراء فاقعة ، وأبواط قرمزية بعنق ورباطات مما يتناسب مع ألبسة البدو, وكان هناك سوق للذهب والفضة , كان هناك سوق الحدادين ، حيث نجد العديد من الأشياء الجميلة الفولاذية مطعمة بلآلئ لأخشاب منتقاة . وجولة صغيرة على الحدادين الذين يهوون بمطارقهم على سنادينهم . حيث يمكن للمرء أن يلتقط بعض الحلي البربرية والقديمة الجميلة .

كان هناك بازار آخر حيث بائعي العطور وزيت خشب الصندل ؛
وآخر حيث يمكن للمرء أان يشتري الحرير وأجمل الأشياء التي يمكن تفصيلها لتثير عنفوان الزوج ،
أو أن تشتري إزارا يمكنك من التجول في الأسواق دون أن يعرفك أحد هي في معظمها اشياء جميلة صنعت من الذهب .
هناك أيضا ديوان، حيث يمكن للمرء أن يشتري السجاد الفارسي وسجاجيد الصلاة لتأثيث المنزل . وكان هناك سوق واحد لشراء الحناء لتضميخ الأيدي والأرجل والأظافر وأخيرا ، و ليس آخرا ، كان هناك سوق الأراجيل ، الذي تعرض فيه النراجيل الجميلة في معظمها ، وأجزاؤها الرائعة الزجاج والانبوب والنربيش الطويل , وهي من اجمل مارأيت. وكلما علت رتبتك كلما ترتب عليك المبالغة في تقديم المجاملة لضيوفك ، فقد أوصيت على النراجيل الخاصة بي ان تكون قاتمة بلون الشوكولا وذهبية وطول أنبوبها ستة ياردات .



وكان لدي لا يقل عن اثني عشرة نرجيلة بشكل دائم واحدة منها احتفظت بها لتدخيني , ومبسم فضي أحمله في جيبي لاستخدامها عندما اقوم بزياراتي ولا تكفي عجالة لاعطاء اسواق دمشق حقها وروعتها ولكن في الختام هناك سوق الحلويات الانيقة التي تقدم مع القهوة والتي لم اتذوق في حياتي كلها كتلك الحلويات التي تصنع في دمشق