السبت، 15 سبتمبر 2012

مع الامثال الشعبية



على رصيف الامثال الشعبية

تداعت على السنتنا الكثير من الامثال الشعبية لان اهل اول ماتركوا شيء ماقالوه وتزخر بلاد الشام بكنز هائل من المقولات التي تناسب مقتضى المواقف صغيرة كانت ام كبيرة والامثال الشامية بحر اختلطت فيه الالوان لتعدد الثقافات التي مرت بدمشق فتجد الامثال ولاسيما المتناقض منها ولعبة التناقض تتبع المزاج الشخصي والحالة الحاضرة التي يعيشها الفرد , التفاؤل يدفعنا لنقول ( مابعد الصبر الا الفرج ) والتشاؤم يدعونا للقول ( مابعد الصبر الا المجرفة والقبر ) وكذلك قولنا ( عميل خير وزت بالبحر ان ما شافو السمك بيشوفو رب السمك ) واين هذه الدعوة من قولنا ( ازا شفت الأعمى طبو , مالك أكرم من ربو )  
والتصدي لهذه الظاهرة , من الصعوبة بمكان , فصاحب المثل وكما يقال ( يركب أذن الجرة حيث يشاء ) , لان أهل أول كلامهم منزل .
والسؤال كيف التزم الدمشقيون بمضمون هذه الأمثال المتناقضة وهي التراث الموروث عن الآباء والأجداد , وهم المثل الأعلى بالنسبة لنا في حياتنا الاجتماعية , وحتى لايتشعب الحديث ونخل في الانفاق المظلمة لهذا الموضوع , سأركز على المتناقض في أصول التربية الأسرية , لأنه يشكل محورا  هاما نشأنا وننشىء اولادنا عليه :
عندما نلجأ الى مذمة رجل لسلوكه الذميم البعيد عن العفة  نقول ( مو شبعان ببيت اهلو )  ونختصرها بقولنا ( جوعان ), فالجوع ينسحب الى الكثير من مرافق السلوك والاولاد يجب ان يشبعوا على سفرة أبيهم وكانت سيدة جليلة من معارفنا تردد ( الاولاد لازم ياكلوا مال ابوهم وهو عايش ) وهذا مثل رائع في توارث الخير وبناء الاسر فكما زرع  اباؤنا فأكلنا نزرع لاولادنا فيأكلون .
وكذلك عندما نكيل المديح لشخص ما نقول ( شبعان خبز ببيت اهلو ) ونردف بقولنا ( كبار ) أو ( أكابر ) كناية عن السلوك الراقي الذي يتمتع به . وهنا يستوقفني مثل شعبي ( يضع العقل بالكف ) , ويناقض كل ماقيل وينسف المعايير والقيم ويبدد هالة قوس القزح , وهذا المثل يقول ( كول عسل وطعمي ابنك هوا ...... هوي خيرو لقدام وانت خيرك لورا )  ...............فأين هذا من ذاك ؟؟؟؟ ولن أطيل  ... فأمثالنا الشعبية  تحمل الشيء وضده , وكلها بنيت على التجارب الإنسانية التي حملها الناس من مواطنهم الأصلية إلى الشام , وانصهروا في بوتقتها فغدوا أشواما . ولاشك ان دمشق في اقسامها الثمانية قد ضمت بيئات مختلفة .. قد قبلت هذا ورفضت ذاك ...................